انهيار سدّ الموصل غاية أميركية لتقسيم العراق
Google+
Facebook
Vkontakte
Odnoklassniki

تعتبر الغاية الأميركية المعلنة بتقسيم العراق هدفاً رئيسياً لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، فمنذ أن أطلق نائب الرئيس الأميركي جو بايدن فكرته المشؤومة بتجزئة العراق إلى ثلاث دويلات طائفية وإلى اليوم لم يتوقف السعي الأميركي للوصول إلى هذه الغاية وكانت فكرة صناعة «داعش» ودعمها للسيطرة على مناطق عراقية واسعة هي حلقة ضمن سلسلة متكاملة توصل الى هذا الهدف، ولكن بعد أن انقلب السحر على الساحر وجاءت النتائج مغايرة تماماً لما خطط له أوباما وأردوغان والبرزاني أصبح لزاماً عليهم البحث عن وسيلة جديدة للوصول الى الغاية الأهمّ، وهي إنهاء العراق الواحد الموحّد، فتمّ العمل على إثارة موضوع انهيار سد ّالموصل فأصبح واقع السدّ في الآونة الأخيرة هو الشغل الشاغل لمراكز الدراسات والبحوث ووسائل الإعلام والأوساط السياسية والشعبية المحلية والدولية منها، كون انهياره سيتسبّب بحدوث كارثة إنسانية لا تحمد عقباها، فستصبح الموصل تحت الأرض وتدمّر غالبية صلاح الدين وحتى بغداد سينالها نصيب كبير من الدمار والخراب…

سد الموصل الذي يقع شمال مدينة الموصل في محافظة نينوى على مجرى نهر دجلة بني عام 1983 يبلغ طوله 3.2 كيلومتراً وارتفاعه 131 متراً، حيث يعتبر السدّ أكبر سدّ في العراق، ورابع أكبر سدّ في الشرق الأوسط، وهو سدّ إملائي ركامي ذو لبّ طيني وسطي.
وقد تمكن تنظيم داعش من السيطرة عليه بعد أحداث 10 حزيران عام 2014، إلا أنه سرعان ما فقد تلك السيطرة بعد عملية عسكرية عراقية نوعية… هذا السدّ الذي يخضع لسيطرة قوات البيشمركة الكردية منذ الاحتلال وإلى الآن، لم تتمكن أيّ قوة عراقية من السيطرة عليه بالرغم من اعتباره مهددّاً للأمن القومي العراقي إذا انهار لا سمح الله…

إثارة أزمة سدّ الموصل في هذا التوقيت بالذات تهدف الى أمور عدّة إذ تقف وراءها أجندات مشبوهة ومافيات وشركات فاسدة محلية ودولية تسعى إلى الفوز بفرصة استثمار فيه بعد علمها أنّ الحكومة المركزية قد رصدت 300 مليار دينار عراقي لإعادة تأهيله ضمن المواصفات العالمية. فكلفت الحكومة العراقية شركة «تريفي» الإيطالية تنفيذ مشروع صيانة وتأهيل السدّ. كما أنّ فريق المهندسين الأميركي الموجود في العراق أعلن الخميس الماضي أنه وضع أجهزة مراقبة واستشعار على السدّ لمعرفة مدى تآكله مع الوقت. وحذّر مسؤولون

أميركيون من خطر حدوث كارثة كبرى في حال انهيار السدّ…بدوره، أكد وزير الموارد المائية محسن الشمري حاجة سدّ الموصل الى حلّ دائم بإنشاء سدّ مساند، ليس خشية من الانهيار بل للانتقال الى مرحلة الأمان. وأوضح أنّ عقد الإحالة التي وافق عليها مجلس الوزراء على شركة إيطالية غرضه زيادة وتعزيز موضوع التحشية وإصلاح المنافذ السفلى، مشيراً إلى أنّ عقد الإحالة يتضمّن شقين هما إصلاح المنافذ السفلى في السدّ وتعزيز وتطوير برامج التحشية.
يُذكر أنّ السدّ يعاني مشكلة بنيوية دفعت المهندسين في الجيش الأميركي إلى وصفه بأنه أخطر سدّ في العالم في تقرير نشر عام 2007. وحتّمت هذه المشكلة إنشاء آلية لحشو السدّ بشكل متواصل على مدى 24 ساعة في اليوم بمواد إسمنتية.
إنّ ما يثير الشك والريبة في إثارة هذا الملف في هذا التوقيت بالذات، علماً أنّ هذه المشكلة مشخّصة قديماً، هو أنّ انهيار السدّ سيؤدّي بشكل جازم الى فرض أمر واقع جديد على الحكومة العراقية للقبول بتدخل دولي لإنقاذ العوائل وإعمار المدن المدمّرة، فالخريطة الجغرافية لمسار السدّ تؤكد أنّ إقليم كردستان لن يتأثر بنقطة ماء واحدة من انهياره، وهو ما يفسّر تعاون البرزاني مع الأميركيين والاتراك، فانهيار السدّ سيرسم حدود الإقاليم الثلاثة رغماً عن الحكومة الاتحادية التي ستكون عاجزة عن فعل أيّ شيء، كذلك موضوع إدخال القوات التركية الى بعشيقة يندرج ضمن هذا المخطط نفسه، كما أنّ خريطة انتشار القوات الأميركية في العراق تؤكد أنّ غدارة أوباما أخذت بحساباتها موضوع انهيار السدّ، فقد انتشر الجنود الأميركيون في إقليم كردستان ومحافظة الأنبار، والاثنان لن يتأثرا بعواقب انهيار السدّ.
كلّ هذه المعطيات تؤكد أنّ انهيار السدّ غاية وهدف ومسعى أميركي تركي برزاني لجعل «الإقليم السني» في العراق قائماً بحكم الواقع وبحجة الدعم الإنساني وإعادة الإعمار ستدخل المنظمات الأميركية كما أنّ الحدود التي قال البرزاني في ما سبق إنها رسمت بالدم، وخاب أمله في ذلك، فقد عاود اليوم بمعاونة حلفائه ليرسمها بالماء، وكما أنّ تهجير ملايين العوائل وقتل وجرح الآلاف من العراقيين، وما يتسبّب به «داعش» من جرائم وإرهاب، من أجل تنفيذ مخطط تدمير وتقسيم العراق والذي فشل بدماء شهداء العراق، فإنّ غرق المدن وموت ما يقارب المليون شخص عراقي إنْ أنهار السدّ لا تعتبر كبيرة بالنسبة إلى البرزاني وأرودغان وأوباما، فالهدف واضح والغاية معلنة والخطط موضوعة والتنفيذ قد بدأ حتى إن حصل ما يسعون إليه سيخرج علينا أوباما، قائلاً: لقد حذرنا العراق من انهيار السدّ قبل هذا التوقيت ليكون بذلك رجل سلام بنظر المغفلين والمنتفعين من أتباعه! والحقيقة أنه هو من خطط وسعى ودبّر ونفذ لينهار سدّ العراق الأكبر.
أما الحكومة العراقية فيجب عليها أن تكون بحجم المسؤولية وأن تفوّت الفرصة على من خطط لتدمير العراق بطريقة جديدة بأن تسرع في إعمار السدّ والسيطرة عليه أمنياً وسحب يد الأكراد منه، وأن يكون ملف إعماره بالسرعة والكفاءة المطلوبة لأنّه بانهيار السد سينهار العراق.